لا يوجد في الدنيا رجالاً أعظم من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم - رضي الله عنهم جميعاً - وأقربهم وأصدحهم بالحق عمر رضي الله عنه الذي تميّز من بين كل الصحابة بأمور رائعة كانت وساماً على صدره أهمها " العدل "
كيف كانت سياسته في العدل خاصة في توزيع الثروة ؟؟
كيف كانت سياسته في العدل خاصة في توزيع الثروة ؟؟
لم تر الدنيا أفضل عمر - رضي الله عنه - حاشا الأنبياء عليهم السلام وأبا بكر الصديق - رضي الله عنه -
ومن وقف على سياسة عمر - رضي الله عنه - انبهر بها
لنرى بعض السياسات التي اتبعها سيدنا عمر ليتم العدل بين المسلمين ...
1 - عمر .. يرى أنه أجير عند المسلمين يأخذ من بيت مال المسلمين ما يكفيه وأهله وقت الحاجة
------------------------------------------------------------
فإذا كان عنده مال من غنيمة أو غيرها أنفق منه وأمسك عن الأخذ من بيت مال المسلمين وإذا نفذ ما عنده أخذ من بيت مال المسلمين
فقد قال رضي الله عنه:
"إِنِّي أَنْزَلْتُ نَفْسِي مِنْ مَالِ اللَّهِ مَنْزِلَةَ مَالِ الْيَتِيمِ، إِنِ اسْتَغْنَيْتُ اسْتَعْفَفْتُ، وَإِنِ افْتَقَرْتُ أَكَلْتُ بِالْمَعْرُوفِ" رواه ابن شبة وابن سعد في الطبقات وإسناده صحيح
وفعل عمر رضي الله عنه هذا من باب الورع وإلا له أن يأخذ مرتبا شهريا لتفرغه لإدارة الدولة المسلمة حتى مع غناه.
2 - عمر .. اعتبر أولاده وأسرته وأقاربه وأحبابه كسائر مواطني الدولة في حقوقهم المالية
-------------------------------------------------------------
فكان عمر رضي الله عنه يوزع ما زاد من مال على المسلمين :
ففرض للمهاجرين والأنصار ممن شهد بدرا خمسة آلاف خمسة آلاف،
وفرض لمن كان له الإسلام كإسلام أهل بدر ولم يشهد بدرا أربعة آلاف أربعة آلاف...
وفرض لأسامة بن زيد رضي الله عنه أربعة آلاف،
وفرض لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما ثلاثة آلاف، فقال: يا أبت، لم زدته علي ألفا؟ فقال: إن أبا أسامة رضي الله عنهما كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيك، وكان أسامة رضي الله عنه أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك" رواه ابن أبي شيبة (12/ 303) وأبو يوسف في الخراج ص:53 والبزار (286) والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/304) والبيهقي (6/305) وهو ثابت بمجموعه.
فلم يكن يحابي أولاده ويفضلهم على غيرهم، بل حينما يحابى أولاده بسببه لا يرضى بذلك
فقد كان عمر رضي الله عنه يخشى من أن يستغل أولاده وأقاربه منصب عمر رضي الله عنه فتقع منهم مخالفات مالية أو غيرها
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه قَالَ:
كَانَ عمر رضي الله عنه إِذَا نَهَى النَّاسَ عَنْ شَيْءٍ دَخَلَ إِلَى أَهْلِهِ - أَوْ قَالَ: جَمَعَ - فَقَالَ: "إِنِّي نَهَيْتُ عَنْ كَذَا وَكَذَا، وَالنَّاسُ إِنَّمَا يَنْظُرُونَ إِلَيْكُمْ نَظَرَ الطَّيْرِ إِلَى اللَّحْمِ، فَإِنْ وَقَعْتُمْ وَقَعُوا، وَإِنْ هِبْتُمْ هَابُوا، وَإِنِّي وَاللَّهِ لَا أُوتَى بِرَجُلٍ مِنْكُمْ وَقَعَ فِي شَيْءٍ مِمَّا نَهَيْتُ عَنْهُ النَّاسَ، إِلَّا أَضْعَفْتُ لَهُ الْعُقُوبَةَ لِمَكَانِهِ مِنِّي، فَمَنْ شَاءَ فَلْيَتَقَدَّمْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَتَأَخَّرْ" رواه معمر بن راشد في جامعه (20713) بإسناد صحيح.
3 - من ليس لهم دخل ولا عائل لهم نصيب من سياسة عمر - رضي الله عنه - المالية
-------------------------------------------------------------
وضع خطة وهي أن يجعل للأرامل دخلا ثابتا يستغنن به عن ما في أيدي الناس لكنه استشهد قبل التنفيذ
فعَنْ عمرو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ:
رَأَيْتُ عمر بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَبْلَ أَنْ يُصَابَ بِأَيَّامٍ بِالْمَدِينَةِ، َ
قَالَ: لَئِنْ سَلَّمَنِي اللَّهُ، لَأَدَعَنَّ أَرَامِلَ أَهْلِ العِرَاقِ لاَ يَحْتَجْنَ إِلَى رَجُلٍ بَعْدِي أَبَدًا،
قَالَ: فَمَا أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا رَابِعَةٌ حَتَّى أُصِيبَ..." رواه البخاري (3700).
4 - ولم يغفل عمر - رضي الله عنه - الحوائج الطارئة من طعام ونحوه للمحتاجين من الفقراء وغيرهم
------------------------------------------------------------
قال ابن الجوزي في المنتظم في تاريخ الملوك (4/226) وفيها [السنة السابعة عشرة] اتخذ عمر - رضي الله عنه - دار الدقيق، فجعل فيها الدقيق والسويق والتمر والزيت، وما يحتاج إليه المنقطع والضعيف الذين ينزلون بعمر - رضي الله عنه -، ووضع عمر - رضي الله عنه - في طريق السبيل ما بين مكة والمدينة ما يصلح لمن ينقطع به ويحمل من ماء إلى ماء.
5 - عمر كان يعطي المتضررين من بيت مال المسلمين ولو كان حصل لهم الضرر من غير قصد
-------------------------------------------------------------
فلو أخطأ أحد موظفي الدولة المسلمة الحاكم فما دونه على أحد المواطنين وحصل له ضرر بذلك عوض عن الضرر الذي حصل له من بيت مال المسلمين ولو كان الضرر يسيرا
فبينما سعيد بن الْهَيْلَم يأخذ من شاربه ففزعه عمر - رضي الله عنه - فأحدث فقال له عمر - رضي الله عنه -: أخفناك، وسنعقله لك، فأمر له بأربعين درهما" وفي رواية فتنحنح عمر - رضي الله عنه - وكان مهيبا، فأحدث الحجام، فأعطاه أربعين درهما" رواه ابن شبة في تاريخ المدينة (2/683) وابن سعد في الطبقات الكبرى (3/ 287) وهو حسن بمجموعه.
6 - أما ما يتعلق بالسكن؛ فكان عمر - رضي الله عنه - يخطط المدن ويوزعها على المسلمين
------------------------------------------------------------------
فخطط البصرة والكوفة في العراق والفسطاط في مصر ثم وزعت الأراضي السكنية على المسلمين في هذه المدن الجديدة.
سياسة عمر رضي الله عنه في مال المسلمين نابعة من معرفته بأن الإساءة في تصريف مال المسلمين كبيرة من كبائر الذنوب تستوجب دخول النار فعَنْ خَوْلَةَ الْأَنْصَارِيَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
( إِنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَهُمْ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) رواه البخاري
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (6/219) : يتصرفون في مال المسلمين بالباطل وهو أعم من أن يكون بالقسمة وبغيرها وفيه ردع الولاة أن يأخذوا من المال شيئا بغير حقه أو يمنعوه من أهله.
ما حكم استخدام المال العام :
===================
فمن بيده مال للمسلمين فلا يتصرف فيه إلا وفق مصلحة المسلمين ويحرم عليه أن يستأثر بشيء منه دونهم
وهذا الحكم عام لكل المسلمين من الحاكم حتى السائق
فمثلاً
مدير الدائرة يحرم عليه أن يستخدم سيارات الدائرة أو معداتها أوموظفيها أو عمالها في أعماله الخاصة.
والسائق يحرم أن يستخدم السيارة في تنقلاته الخاصة. وإذا وجد نظام خاص لمصلحة فالأمر يختلف.
هذا نموذج عملي في التوزيع العادل للثروة بين موطني الدولة المسلمة وهو تصرف بسبب الخوف من الله وليس من المخلوق فلا خيانة وجدت الرقابة أو لم توجد بخلاف من يؤدي الأمانة خوفا من المحاسبة وفي كلا الفعلين خير والأول أفضل.
هؤلاء الحكام سلف الأمة وقدوة من أتى بعدهم فلنعتز بما في شريعتنا من أحكام وتطبيقات عملية كفيلة بمنع الاستئثار بالمال العام والتوزيع العادل للثروة بين موطني الدولة الإسلامية ولنعلم أن الخلل هو في التطبيق فلا بد من رقابة وجدان ورقابة مستقلة تحاسب
من فضلك .. شارك الموضوع إذا أعجبك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق